معاون وزير: صنع القرار الاقتصادي في بلادنا لايزال مشوهاً لغياب الإحصائيات


.

يصر المكتب المركزي للإحصاء على التمسك بتوصية اللجنة الاقتصادية بعد إعطاء أي رقم أو بيان أو مؤشر إحصائي، لاعتبارات لم يوضحها مديره الدكتور إحسان العامر، والذي على ما يبدو شكلت له هذه التوصية –وفقاً لبعض المراقبين- طوق نجاة من تقصير المكتب وعدم قيامه بأي نشاط أو مسح إحصائي خلال فترة الأزمة.

 

وسرعان ما يجيب العامر لدى سؤاله عن أي رقم إحصائي، بأن المكتب ملتزم بتوصية اللجنة الاقتصادية التي لم تسمح له بالإعلان إلا عنالرقم القياسي لأسعار المستهلك "أي التضخم" والذي بلغ 621.9 % عن شهر أيار 2016، مع الإشارة إلى أن سنة الأساس لحساب هذا الرقم هو عام 2010..!. علماً –وعلى ذمة أهل كار الإحصاء- أن اللجنة الاقتصادية لا يحق لها التدخل بعمل المكتب، فبموجب مرسوم إحداثه مناط به وضع النظام الإحصائي للبلد ونشر بياناته، ولا يحق للجنة التدخل بعمل المكتب، فمدير المكتب هو آمر صرف وعاقد نفقة، ويرتبط إدارياً برئيس الحكومة، أما القضايا الفنية فهي مسؤولية مدير المكتب..!.

 

ولد غياب الرقم الإحصائي الرسمي مزيداً من الهواجس الناجمة عن تنبؤات وتوقعات لا تنم إلا عن صور سوداوية لكل جوانب حياتنا الاقتصادية والاجتماعية، مع العلم أنه من المحتمل أن هذه الصور قد تكون أقل سوداوية مما يسوق لها أثناء تحليل واستقراء الواقع الاقتصادي خاصة، لكن عدم الإفصاح عن البيانات والأرقام الإحصائية أطلق العنان لتقديرات وقراءات كثير من المتابعين والمحللين الاقتصاديين لواقع الاقتصاد الوطني، بل أكثر من ذلك نلاحظ أنه بين الفينة والأخرى تنبري بعض المنظمات والجهات الخارجية للحديث عن تدهور الوضع الاقتصادي والاجتماعي والسكاني في سورية، مُدعّمةً حديثها بإحصائيات أغلب الظن أنها تقديرية إن لم تكن مزاجية..!.

 

ولا يتوقف الأمر عند هذا الحد فكثير من الجهات الرسمية تعتبر أن بيانات وأرقام المكتب غير صحيحة، ما يشي بأن المكتب لا يقوم بالدور المناط به في ظرف أحوج ما نكون فيه لمؤشرات وأرقام لرسم سياساتنا الاقتصادية المستقبلية..!.

 

في المقابل تتصدر المشهد مديرية دعم القرار التابعة للأمانة العامة في رئاسة مجلس الوزراء كجهة معنية بتزويد متخذي القرار في مفاصلنا التنفيذية بتقارير رسمية تصدر بشكل دوري، حيث يؤكد مديرها الدكتور حسين إبراهيم أن ما تصدره المديرية من تقارير ودراسات، تتناول حيثيات وتفاصيل قطاعنا الاقتصادي والخدمي وما يعتريها من مشكلات وتحديات وتجاوزات مدعّمة بمؤشرات وأرقام ومعطيات، مضافاً إليها عدد من المقترحات التي تستوجب على متخذي القرار أخذها بعين الاعتبار والتدخل الفوري للمعالجة.

 

ويعتبر أحد معاوني الوزراء أن صنع القرار في بلادنا لايزال مشوهاً لاعتبارات تتعلق بالدرجة الأولى بغياب المؤشرات والإحصائيات والمعطيات الكفيلة بتصويبه. مشيراً إلى أنه وفي حال توافر هذه المعطيات، نجد أن الجهة المعنية باتخاذه لا تكترث بها وتصر على اتخاذ قرارات تتواءم مع رؤيتها الخاصة بغض النظر عما قد تحدثه من تغذية راجعة، وهنا تكمن الطامة الكبرى على حد وصفه..!.

 

وأضاف معاون الوزير أننا كثيراً ما نلمس كماً هائلاً من القرارات التي يفهم أنها صدرت عن جهات تبيّن أنها لم تحيطها بما يكفي من الدراسة، لدرجة بات يُعتقد فيها أن بعض متخذي القرار غير مكترثين بما سيطال المواطن من منغصات باتت أقرب إلى المصائب، جراء بعض القرارات لاسيما تلك المتعلقة بانفلات الأسعار والأسواق وتجييرها لصالح تجار برعوا باستغلال الأزمات بكفاءة عالية تحت مرأى معظم – إن لم نقل جميع - مفاصلنا الحكومية سواء المعنية منها أم غير المعنية، كقرار رفع سعر مادة المازوت -على سبيل المثال لا الحصر- الذي اتخذ ذات مرة عشية عطلة عيد الأضحى المبارك، وما ألحقه وقتها من فوضى في أسواقنا ساهمت بمضاعفة الأسعار تحت ذريعة ارتفاع حوامل الطاقة، وذلك بعيداً عن الخوض بالحديث عن رقابة الأسواق ودور حماية المستهلك وما يترتب عليها من مسؤولية، وذلك لكثرة تداول هذا الموضوع إعلامياً، وعدم اكتراث المعنيين بما ينشر ويبث حوله، خاصة مسألة عدم الالتزام بتعرفة النقل الداخلي التي لم يستطع المعنيون حلها إلى الآن..!.