بينهم مدراء ومعاوني وزراء...ألف قائد إداري في مؤسساتنا يرسبون في اختبارات الكفاءة الإدارية!..
.
\هي فضيحة ومن العيار الثقيل عندما يفشل نحو ألف قائد إداري في مؤسساتنا من بينهم معاوني وزراء ومديرين عامين ومركزيين، ويسقطون في اختبارات الكفاءة الإدارية ضمن ما يعرف ببرنامج الجدارة القيادية الذي سبق وأطلقته وزارة التنمية الإدارية، فشل هؤلاء في المقام الأول هو حتماً يؤشر إلى حجم الواسطة والمحسوبيات التي مكنتهم من تبوء مناصب قيادية عليا في مؤسساتنا الرسمية، هذا إذا سلمنا جدلاً أن البرنامج والمشتغلين عليه تعاملوا بمهنية بعيداً عن التدخلات الشخصية في ما تقدم من أبحاث وعروض.
رسمياً كانت أصدرت وزيرة التنمية الإدارية سلام السفاف أول أمس القرار رقم 15 المتضمن منح شهادة متقدمة بالكفاءة الإدارية لمتتبعي برنامج الجدارة الذين ووفق القرار اجتازوا نظام الاختبار والتقييم بنجاح.
البرنامج الذي استهدف عند انطلاقته الأولى أكثر من 1000 شخص من مختلف المستويات الإدارية (معاون وزير_مدير عام_مدير مركزي) في الجهات العامة استطاع ثمانية متقدمين فقط نيل شهادته اثنين من وزارة التنمية الإدارية نفسها، واثنين من وزارة الزراعة، واثنين من الدفاع، وواحد من الصحة، وآخر من رئاسة مجلس الوزراء، طبعاً البقية كان إقصائهم من البرنامج على عدة مراحل، حيث لم يتقدم للفحص الكتابي المؤتمت سوى 450 نجح 67 منهم فقط وتقدموا للمرحلة النهائية بأبحاثهم وعروضهم، منطقياً يعني أن 59 منهم لم ترق عروضهم أبحاثهم أو عرضهم لها لمعايير اللجنة المؤلفة من وزيرين سابقين هم وزير التعليم العالي السابق عامر مارديني ووزير الاقتصاد الأسبق همام الجزائري إضافة للسيدة أنصاف حمد مديرة سابقة لهيئة شؤون الأسرة.
وفي سياق متابعتنا للبرنامج لم تتوقف عند الخبر الرسمي الذي أعلنته الوزارة عبر صفحتها على الـ "فيسبوك"، وعدم الرضى عن النتائج من عدد لابأس به من المتقدمين والمتقدات للمرحلة النهائية أثار جدلاً كبيراً وأثار أكثر رغبتنا للبحث والتقصي عن حقيقة ما حدث، وخاصة بعد أن تلقينا إشارات من بعضهم تفيد بأن ثمة تدخلات شخصية عومت بعض الأسماء التي نالت الشهادة وليس كل من نال شهادة الكفاءة الإدارية استحقها وليس كل من رسب هو فاشل على الأقل هذا ما ستوضحه وقائع ما حدث.
منطقياً اعتقدنا أن اللجنة التي أشرفت على تقييم الأبحاث والعروض تمتلك الجواب الشافي الذي من المفترض أن يبدد هواجسنا المتأتية من تشكيك من خاض غمار البرنامج بالنتائج النهائية، واللافت أن اللجنة ذاتها عززت الشكوك أكثر من ذلك أعضاءها لم يخفو دهشتهم من النتيجة المتواضعة.
وزير التعليم العالي السابق الدكتور عامر مارديني أفاد في اتصال هاتفي أنه اطلع على أربعة أبحاث من أصل 17 بحثاً مقدماً، دكتور الصيدلة أكد أن بحثين على الأقل كانا مميزين، وتمنع عن ذكر أصحاب البحثين، الرجل أشار إلى ما قال إنها إشكالية تمثلت بعدم اطلاع أعضاء اللجنة على جميع الأبحاث المقدمة، وعليه تم تقييم باقي العروض بمعزل عن تفاصيل البحث، ولو أنه قسم الأبحاث وفق ما مشاهدته العروض إلى ثلاث مستويات ثلثها جيد ومميز وثلث اخر متوسط، فيما الثلث المتبقي سيء جداً، لافتاً إلى ما لمسه من خوف لدى بعض العارضين من وزرائهم فقدموا رؤية فيها شيئ من المواربة على حد تعبيره، بعض المتقدمين استعانوا بمرؤسيهم في البحث يقول "مارديني".
وزير الاقتصاد الأسبق همام الجزائري في اتصال مماثل تردد في بادئ الأمر عن التعليق على الموضوع واكتفى بالقول أنا متفاجئ أن عدد الناجحين ثمانية فقط، وبدا واضح أن خبر صدور النتائج لم يصله بعد، تفاجأ أكثر عندما علم أن فريق وزارة الاتصالات الذي قدم بحثين لم يجتز الاختبار معتبراً أن عملهم كان مميرزاً، تحفظ عن الادلاء بأي تعليق لنجاح متقدمين من وزارة التنمية الادارية وواحد من رئاسة مجلس الوزراء، الرجل قال إنه اطلع على 6 أبحاث، أستاذ الاقتصاد كان أكد أنه ومن خلال تقييمه للعروض كان توقع نجاح 10 على الأقل في حال كان في غاية الصرامة، ونجاح ضعف العدد مع قليل من المرونة.
القطب الثالث في اللجنة كانت الدكتورة أنصاف حمد التي بدت أكثر حزماً تجاه المتقدمين إلا أنها توقعت أن يكون عدد الناجحين أعلى بقليل، المديرة السابقة لهيئة شؤون الأسرة كانت أشارت في مكالمتها الهاتفية إلى أن علامة النجاح المحددة مرتفعة (75) وهذا يعود للقائمين على المشروع أمر تقديره، لكنها قالت ربما من توقعناهم من الناجحين كانت علاماتهم أقل بدرجة أو درجتين، ولفتت إلى أنها كما باقي اللجنة لم يكن لهم علم مسبق بعلامة النجاح، هي أضافت إنه لا يمكن للجنة التنبؤ بالنتايئج فكل واحد من أعضائها وضع علامة منفردة إن كان على البحث الذي اطلع عليه، أو على العرض وفق معايير تقييمه المحددة في ورقة الاستمارة، استاذة الفلسفة (سيميولوجيا ومنطق) رفضت اعتراض المشاركين عليها وقولهم إنها لا يمكنها تقييم بحوث تطبيقية، من منطق أنها شخصية عامة ولها تجربة إدارية على حد تعبيرها، وهو ما ينطبق على الدكتور عامر مارديني كدكتور صيدلاني ووزير سابق، الأبحاث كانت وزعت على أعضاء اللجنة وفق الاختصاص الأقرب، "حمد" شاركت "الجزائري" بالرأي حول مسألة أن وقوع البرنامج بين وزيرين لكل منهما سياسته وكونه تجربة أولى فمن الطبيعي أن يتعرض لبعض الصعوبات وعدم الوضوع بالنسبة للمتقدمين، المشتركين بالبرنامج لم يكون لهم علم بالامتحان تؤكد "حمد".
مصادر كانت أفادت بأن الوزيرة سلام السفاف سارعت يوم إصدار النتائج عبر فريق عملها في الوزارة، سارعت شفهياً لإبلاغ المتقدمين ممن لم يحالفهم الحظ بالتتويج بالكفاءة الإدارية بأن الفرصة ما زالت سانحة لهم، وأن الوزارة ستعد كتب وتوجهها إلى جميع الموؤسسات وهو ما حدث بالفعل وفق معلومات وردتنا لحظة إعداد هذا التحقيق (سيكون بإمكان الراسبين التقدم في دورات لاحقة مع إجراء بعض التعديل على أبحاثهم)، وهو ما كان اعتبره المشاركين بمثابة ذر الرماد في العيون لتخفيف ردة فعل الراسبين منهم، طبعاً وفق إفاداتهم.
ومما تقدم وخاصة إفادات أعضاء اللجنة بات من الواضح أن شكوك الراسبين الـ 59 أو بعضهم على الأقل الذين كانوا تأهلوا إلى المرحلة النهائية من البرنامج، ترتكز في المقام الأول عدم الشفافية من قبل وزارة التنمية قائدة المشروع، حيث أن كل عضو في اللجنة اطلع على عدد محدد من الأبحاث، بينما شاهد وقيم جميع العارضين ووضع علامة خاصة به ووفق رؤيته الشخصية وخبرته الإدارية دون التشاور مع بقية الأعضاء، وعليه فإنه من السهل التلاعب بالنتائج على حد قولهم، فيما كان من الحكمة على الأقل أن تتولى اللجنة جمع العلامات والتشاور فيما بينها وإصدار النتائج ( العلامات مقسمة 40 % على البحث و 60 % للعرض)، مع الإشارة إلى أن المتقدمين لم يكونوا على اطلاع بالمعايير التي سيقيم بموجبها العرض، أكثر من ذلك ذهبت اللجنة باتجاه اعتماد نظام الجامعات في وضع العلامات اعتقاداً منهم أن علامة النجاح هي 60، لذلك فإن النتائج تراوحت بين الـ 60 والـ 75 بحسب المصدر.
يذكر أن وزارة التنمية الادارية منتصف الشهر الأخير من العام 2015 كانت أطلقت برنامج “الجدارة القيادية في القيادة الإدارية” الذي قال عنه الخبر الرسمي حينها إنه يأتي ضمن مشروع الإصلاح الإداري في سورية ويستهدف القيادا ت الإدارية القائمة على رأس عملها في الجهات العامة كمعاوني الوزراء والمديرين العامين والمركزيين ومن في حكمهم وذلك بحضور رئيس مجلس الوزراء السابق الدكتور وائل الحلقي ووزير التنمية السابق حسان النوري.