القطاع العام امام خيارات حتمية اما التطوير والحوكمة واما الانحسار...
.
لا تزال حوكمة القطاع العام محطّ جدل بين من يؤكد إمكانية إخضاع الأخير للأولى، وبين من ينفي ذلك لاعتبارات تتعلّق بطبيعة الأنظمة والقوانين المسيّرة لهذا القطاع.
وفي هذا السياق يرى رئيس هيئة الأسواق والأوراق المالية السورية الدكتور عابد فضلية أن القطاع العام لا يعتبر ولا يعتقد أنه معنيّ بالحوكمة، بل معنيّ بتطبيق الأنظمة والضوابط والقرارات الحكومية التي يخضع لها، وبذلك يكون من الصعب إخضاعه لأنظمة جديدة تمسّ جوهر عمله الذي اتبعه منذ خمسين عاماً على الأقل. لذلك يتوجب على الهيئة قولبة القرارات والتعاميم الجافة الصادرة من رأس الهرم ودمجها مع قواعد الحوكمة، بغية إيجاد نوع من الانسجام فيما بينهم.
وأشار فضلية إلى أن مشروع الإصلاح الإداري الذي طرحه السيد رئيس الجمهورية ينصبّ في هذا السياق، مبيناً أنه يمكن لهذا المشروع أن يوجد نوعاً من التناغم ما بين ضوابط الحوكمة والعمل الإداري لتقليل الفساد، والتخفيف من تدخل العامل الشخصي في القرار، بالإضافة إلى إرساء قواعد التفكير الجمعي والتشاركي والقدرة على اتخاذ القرار الفني الصحيح، والتي بموجبها تؤدي بالقطاع العام إلى تطبيق الحوكمة.
وشدّد فضلية على أن حوكمة القطاع العام أصبحت من ضرورات المرحلة المقبلة ولم تعد خياراً، فالقطاع العام أمام خيارات حتمية، إما باتجاه الانحسار أو التطور والتطوير، والأزمة أثبتت وجود الدولة بقطاعها العام، ولكن يجب أن يكون مرناً وفعالاً وإيجابياً. ورجّح فضلية أن تكون بعض مجالس إدارات المؤسسات الحكومية قد خطت الخطوة الأولى باتجاه الحوكمة من خلال الفصل مابين المالك والإدارة، إلا أنها برأيه لا يمكنها أن تستمر على المدى الطويل إلا إذا اتبعت ضوابط الحوكمة، وقادت المؤسسة بإدارة فنية موضوعية بشكل مجرد بغض النظر عن أية ضغوطات تفتيشية أو رقابية