«رسمياً» 45.3 مليون دولار إنفاق السوريين كل يوم من عام 2016


.


أنفق في سورية خلال عام 2016 من الحكومة والمواطنين نحو 7607 مليارات ليرة سورية، وذلك على الاستهلاك والاستثمار، بما يعادل نحو 16.54 مليار دولار أمريكي (على أساس وسطي 460 ليرة لسعر صرف الدولار)، وهذا ما يسمى الطلب الداخلي في الاقتصاد، إذ يتم حسابه بطرح قيمة الصادرات من إجمالي الناتج المحلي، لكونها تستهلك خارج البلد، وإضافة قيمة المستوردات، لكونها تستهلك داخل البلد، بطبيعة الحال، علماً بأن بين 25 إلى 30 بالمئة من الطلب الداخلي يلبى عبر المستوردات (المسجلة وفق بيانات جمركية نظامية).

تم حساب قيمة الطلب الداخلي في سورية عام 2016 بناء على بيانات المجموعة الإحصائية الأخيرة (2017) التي نشرها المكتب المركزي للإحصاء منذ فترة قصيرة على موقعه الإلكتروني الرسمي.
وبإجراء بعض الحسابات البسيطة، نجد أن وسطي الإنفاق اليومي في البلد ً، خلال عام 2016، يبلغ نحو 20.84 مليار ليرة سورية، بما يعادل 45.3 مليون دولار أمريكي، لتبلغ حصة الفرد وسطياً، من الإنفاق (على الاستهلاك والاستثمار) نحو 874 ليرة سورية يومياً، أي ما يعادل نحو 1.9 دولار أمريكي، وهذا ليس ما ينفقه كل مواطن، بحدّ ذاته، وإنما معدل لنصيبه مما تنفقه الحكومة وكل المواطنين على الاستهلاك والاستثمار خلال العام.
بالمقارنة مع سنوات الحرب السابقة (من عام 2011) يظهر أثر انخفاض قيمة الليرة السورية بشكل واضح في الطلب الداخلي، فبينما يتضاعف الرقم خلال عام 2016 مقارنة بعام 2011 بالليرة السورية، نجد أنه ينخفض بأكثر من 78.6 بالمئة مقوماً بالدولار الأمريكي، بمعنى أن الإنفاق على الاستهلاك والاستثمار خلال عام 2016 يقل عن 21.4 بالمئة عما كان ينفق في عام 2011 من المواطنين والحكومة بالدولار الأمريكي، بناء على وسطي أسعار الصرف الرسمية.
وبالتفصيل، أنفق في سورية، أكثر من 77.34 مليار دولار أمريكي في عام 2011، انخفض في عام 2012 بنسبة 27.4 بالمئة، إلى نحو 56.2 مليار دولار أمريكي، وعمّق انخفاضه في عام 2013، بنسبة نحو 39.9 بالمئة، مقترباً من مستوى 33.8 مليار دولار أميركي، لينخفض مجدداً في عام 2014، وبنسبة 24.5 بالمئة، مسجلاً مستوى 25.5 مليار دولار أمريكي، وواصل انخفاضه في عام 2015، وبنسبة 15.5 بالمئة، مسجلاً أكثر من 21.5 مليار دولار، معمّقاً انخفاضه مجدداً في عام 2016، إذ سجل نحو 16.54 مليار دولار، منخفضاً بنسبة 23.2 بالمئة.
وبينما كان نصيب الفرد اليومي من الطلب الداخلي أكثر من 10 دولارات في عام 2011؛ انخفض إلى 7.11 دولارات عام 2012، وإلى 4.17 دولارات عام 2013، وإلى 3 دولارات عام 2014، وإلى 2.53 دولار عام 2014، وصولاً إلى 1.9 دولار عام 2016.
الجدير بالذكر أن تلك الأرقام المعتمدة على البيانات الرسمية تعاني عدة نقاط ضعف، ولعل أبرزها أنه حساب إجمالي الناتج المحلي لا يتضمن أنشطة الاقتصاد غير المنظّم والأهلي، الذي يسمى اقتصاد الظل، كما إن أرقام الصادرات والواردات تعتمد على بيانات الجمارك بشكل رئيس، علماً بأن الأرقام الحقيقية أعلى من المصرّح عنها من الفعاليات التجارية والصناعية وغيرهم ممن يقومون بالاستيراد والتصدير، تهرباً من الكشف عن حقيقة أحجام عملهم، وبالتالي تخفيف الضريبة، وتهرباً من الرسوم ومن إعادة القطع الأجنبي، ما يصعب تقدير الحجم الحقيقي للطلب الداخلي، إضافة إلى المهربات التي يتم استهلاكها داخلياً، كل ذلك يجعل رقم الطلب الداخلي الذي تم حسابه بمثابة مؤشر للحدّ الأدنى من الإنفاق، ويمكم استخدام طريقة السيناريوهات، للاقتراب أكثر من الواقع، وذلك بمضاعفة رقم الطلب الداخلي بعد جمع معلومات من المعنيين بالشأن، ولعل أبسط سيناريو مضاعفة الرقم مرة واحدة، أي ضرب الأرقام الواردة السابقة بالرقم 2، وباستخدام هذا السيناريو، يصبح إجمالي الطلب الداخلي الأقرب إلى الواقع نحو 12.5 ترليون ليرة سورية عام 2016، ما يعادل نحو 41.7 مليار دولار أمريكي، بوسطي يومي تقديري يزيد على 33 مليار ليرة سورية، بما يعادل 9.6 ملايين دولار أمريكي، على حين تبقى معدلات ونسب التراجع ثابتة لكوننا ضربنا كل الأرقام بنفس الرقم.
يشار إلى أن الهدف من عرض تلك البيانات، هو الإضاءة، إحصائياً، على تداعيات الحرب على سورية والعقوبات الأحادية الجانب (الأمريكية والأوربية) الجائرة؛ على صعيد الطلب الداخلي، الذي يعدّ من المؤشرات الاقتصادية المهمة، وتبرز أهميته أكثر بإجراء مقارنات مع دول أخرى قريبة من الوضع الاقتصادي لسورية، إلا أن حالة الحرب تبعد تلك المقارنات عن الموضوعية.

 

المصدر: الوطن