رغم خسائرها المقدرة بـ642 مليار ليرة “الخطوط الحديدية” تخطط لاستكمال محور النقل الدولي شمال – جنوب من أوروبا عبر سورية إلى الأردن وشرق آسيا


.

يبدو أن قطاع السكك الحديدية في سورية يحذو اليوم حذو الدول المتقدمة التي أيقنت أن  حضارة الشعوب باتت تقاس بالكيلو مترات من الخطوط الحديدية، ولأن سورية تتجه من جديد نحو تطوير الواقع الاقتصادي والاجتماعي والتقني، الأمر الذي حتّم على هذا القطاع نظرة جديدة نحو النقل السككي باتجاه تطويره والتوسع به في الضواحي وكافة المحافظات، والانتقال به من مواقع الإنتاج الصناعي والزراعي إلى مواقع الاستهلاك والتصدير والشحن، حيث إن توسيع النقل ليشمل الضواحي يؤدي إلى تطوير النقل بكافة أشكاله، وهذا ما تسعى إليه مؤسسات وشركات النقل السككي في المرحلة الجديدة من إعادة الإعمار.

واقع

وتعتبر المؤسسة العامة للخطوط الحديدية السورية واحدة من أهم المؤسسات التابعة لقطاع السكك الحديدية إذ يقع على عاتقها تأمين عمليات نقل البضائع والسلع بين مختلف محافظات القطر من جهة، وبين منافذ القطر البرية والبحرية إلى المحافظات المختلفة أو إلى خارج القطر بطريق الترانزيت من جهة أخرى، وتأمين نقل البضائع والمنتجات بين مواقع الإنتاج إلى الأسواق الداخلية أو إلى منافذ التصدير، ودعم الاقتصاد الوطني للقطر سواء في التجارة الداخلية أم في التجارة الخارجية عن طريق تسهيل توزيع البضائع داخلياً أو تصديرها إلى الخارج بالسرعة اللازمة والأسعار الملائمة، إضافة إلى تأمين تنقل الركاب بين مختلف محافظات القطر، إلّا أنه وحسب ما أكده لنا نجيب الفارس مدير عام المؤسسة فقد تركت الأزمة بصمتها على هذه المؤسسة كباقي مؤسسات القطاع العام، حيث فقدت كوادرها الخبيرة ولاسيما أنها كانت تمتلك كادراً مؤهلاً بشكل علمي وفني، ناهيكم عن قيمة خسائرها المادية والتي قدرت بنحو 642 مليار ليرة سورية خلال سنوات الأزمة، ومع ذلك فقد استطاعت المؤسسة خلال العام الماضي إنجاز جملة من المشاريع لخصها الفارس بإعادة تأهيل وترميم الخط الحديدي بين محطة بغداد في حلب ومحطة جبرين، كما تم تنفيذ مشروع التفريعة السككية من محطة شنشار إلى صوامع شنشار لنقل الحبوب من المرافئ السورية إلى حمص ووضعها بالاستثمار، ومشروع نقل الحصويات من مقالع حسياء إلى المدن الساحلية، كذلك مشروع المرفأ الجاف وساحة الحاويات وتفريعته السككية من محطة خنيفيس الجديدة إلى المدينة الصناعية بحسياء.

مشاريع حيوية

وفيما يتعلق بعمل المؤسسة هذا العام أوضح الفارس أن إيرادات المؤسسة العامة للخطوط الحديدية السورية في النصف الأول من العام 2018 بلغت ما يقارب 503 ملايين ليرة سورية من نقل البضائع والركاب، وتعمل المؤسسة في فرعها بدمشق حاليا على إعادة تأهيل الخط الحديدي الذي يصل مدينة المعارض بمحطة القدم لتخديم ركاب مدينة المعارض بشكل خاص خلال دورة معرض مشق الدولي المقبلة والمعارض التخصصية التي ستقام هناك، أما محطة مدينة المعارض المزمع إنشاؤها فستكون محطة تبادلية للربط مع قطار الضواحي الذي سيصل دمشق إلى مطار دمشق الدولي مستقبلاً، كما يمكن الاستفادة منه بين القطارات العاملة على محور دمشق حمص، وبالتالي زيادة الطاقة التمريرية والنقلية لهذا المحور، كما جرى بحسياء الشهر الماضي وتحت رعاية رئيس الجمهورية الدكتور بشار الأسد وضع حجر الأساس لإنشاء خط حديدي بمحافظة حمص من محطة قطينة إلى مقالع الإحضارات الحصوية بطول 8 كم، والذي سيكون ذو أهمية كبيرة لنقل الإحضارات الحصوية من مقالع حسياء إلى باقي المحافظات، ما سينعكس بشكل إيجابي على سوق البناء، وسيلمس المواطن انخفاض تكاليف البناء لاحقا والناتج عن كون النقل السككي يتميز باستيعاب حجوم نقل كبيرة ومنخفضة عن غيره من وسائل النقل الأخرى، كما تعمل المؤسسة حاليا على تنفيذ عدد من المشاريع الحيوية ذات أبعاد اقتصادية هامة ومنها تنفيذ المرفأ الجاف في حسياء، ودراسة عدة خطوط حديدية لتخديم بعض المنشآت الصناعية بمدينة عدرا الصناعية واتخاذ الإجراءات لتنفيذ مرفأ جاف في المدينة الصناعية بالشيخ نجار في حلب.

الرؤى المستقبلية

قامت المؤسسة العامة للخطوط الحديدية السورية بتحليل الواقع الراهن لشبكة الخطوط الحديدية وحجوم النقل المتوقعة لغاية 2045 بناء على طلبات النقل من كافة الوزارات والفعاليات الاقتصادية والمرافئ والمقدرة بـ50 مليون طن سنوياً، ووضعت رؤيتها لإعادة تفعيل دور النقل السككي الدولي والمحلي ليكون من أهم وسائل النقل التي تساهم بإعادة الإعمار، فعلى النطاق الدولي تخطط المؤسسة لإنشاء خط حديدي جديد البصيرة -التنف من محطة البصيرة على محور مهين- الشرقية بطول 156 كم لاستكمال محور النقل الدولي غرب – شرق عبر التنف إلى العراق ودول الخليج العربي وإيران، كما تخطط المؤسسة لاستكمال تنفيذ خط حديد دير الزور – البوكمال – الحدود العراقية بطول 143 كم لاستكمال محور النقل الدولي غرب – شرق عبر دير الزور إلى العراق ودول الخليج، كذلك تنفيذ خط حديد دمشق – درعا – الحدود الأردنية بطول 107 كم لاستكمال محور النقل الدولي شمال – جنوب من أوروبا عبر تركيا وسورية إلى الأردن ودول الخليج وشرق آسيا، وعلى النطاق المحلي تقوم المؤسسة بإجراء الصيانات والإصلاحات الضرورية للمحاور التي يتم تحريرها وتأمينها من قبل الجيش السوري وفق الأولويات والإمكانات المتاحة بحيث يتم تشغيل القطارات عليها، كما تم شراء 15 قاطرة مع القطع التبديلية اللازمة لها، وشراء مولدات وأجهزة اتصالات وترميم الشبكة الكهربائية، كذلك تسعى المؤسسة لربط مطارات دمشق – حلب – اللاذقية بشبكة الخطوط الحديدية لتأمين نقل الركاب والبضائع بزمن وكلفة أقل، واستكمال وصل المدن الصناعية بالخط الحديدي وإنشاء خط حديدي جديد بطول 18 كم من محطة قطينة إلى مقالع حسياء وتطوير خط حديد حلب اللاذقية بطول 200كم، وتطوير خط حديد حلب – الرقة – دير الزور – الحسكة –  القامشلي بطول 547 كم لتأمين النقل المحلي والنقل الدولي، وإنشاء خط حديدي ثان جديد حلب – حماه – حمص – دمشق بطول 401 كم لاختصار زمن مسير الركاب بين حلب ودمشق لتصبح بمعدل 2.3  ساعة.

 

المصدر: البعث