ماذا تعني إعادة معبر نصيب الحدودي؟
علي محمود محمد
كتب الزميل علي محمود محمد
ماذا تعني إعادة معبر نصيب الحدودي؟
*******^^^^
لطالما اعتبرت المعابر الحدودية بين الدول من الأمور شديدة الحساسية لما لها من أهمية أمنية وسياسية، إلا أن الأهمية الاقتصادية لها جعلت منها الفيصل في تحديد الأهميتين الأخيرتين (السياسية والأمنية).
هذا ويعتبر معبر نصيب الحدودي من أهم المعابر الحدودية لسورية ويشكل البوابة الجنوبية منذ العام 1997، بمساحة قدرها حوالي 2867 دونماً، ومع إعلان وزارة النقل السورية عن افتتاحه في العاشر من الشهر القادم وبدء حركة عبور الشاحنات والترانزيت عبر الحدود السورية الأردنية من خلاله فيمكن القول بأنّ صفحة مظلمة عمرها 38 شهراً قد طُويت إلى دون رجعة منذ يوم إغلاقه في نيسان 2015 ولغاية تحريره في حزيران 2018، حيث سبب إغلاقه خسائر اقتصادية كبيرة لكل من سوريا والأردن ولبنان تقدر بمئات الملايين من الدولارات يومياً، إضافة إلى ضياع مئات فرص العمل للسوريين والأردنيين.
ومع إعادة افتتاحه فسوف تستأنف الصادرات السورية والعراقية واللبنانية إلى الأردن وبالعكس حيث إن للمعبر أهمية استراتيجية ويعد أهم معبر في منطقة الشرق الأوسط حيث تنتقل عبره البضائع التجارية بين سوريا وكل من الأردن والخليج ولبنان ومنها إلى دول العالم، ويقدر حجم المبادلات التجارية عبره بحوالي مليار دولار سنوياً، ومن هنا تأتي أهمية افتتاحه لكونه سيفتح مجالاً لتصدير المنتجات السورية إلى السوقين الأردنية والخليجية ومنهما إلى دول العالم الأخرى، وبنفس الوقت ستقوم هذه الدول بتصدير منتجاتها عبره إلى دول العالم عن طريق سورية، إضافة إلى تحقيق عوائد مالية ورفد الخزينة العامة من القطع الأجنبي من خلال الرسوم الجمركية على المعبر ورسوم الترانزيت على دخول الشاحنات الأردنية واللبنانية إلى سوريا.
وفي هذا السياق فقد أعلنت وزارة النقل الأسبوع الماضي رفع رسوم عبور الترانزيت البري لشاحنات النقل السورية والعربية والأجنبية المحملة والفارغة عند عبور الأراضي السورية وذلك وفقاً للمعادلة التالية:
وزن السيارة × المسافة المقطوعة ×١٠%= القيمة بالدولار، بدلاً من نسبة 2% التي كانت تتمتع بها جميع المنافذ البرية والبحرية، وبالتالي فإن انتعاش تجارة الترانزيت من خلال المرافئ السورية باتجاه المعبر نفسه إلى الأردن والخليج أو من لبنان باتجاه الأردن والخليج سيحقق ربحية وإيرادات مناسبة للعبور البري للترانزيت العابر للأراضي السورية، فمثلاً تقدر عدد الشاحنات اللبنانية التي تعبر الأراضي السورية بنحو 250 شاحنة يومياً وكانت قيمة الصادرات اللبنانية التي تخرج من معبر نصيب تصل لنحو 2 مليار دولار سنوياً قبل الأزمة وتراجعت بشكل تدريجي لتصل إلى نحو مليار دولار قبل إغلاق المعبر في نيسان 2015، فمن خلال حساب هذه الأرقام تزهر لنا رسوم الترانزيت الكبيرة التي سترفد الخزينة العامة.
وفي هذا الصدد، فقد بلغ حجم الصادرات السورية للعام 2016 نحو 635 مليون دولار (على اعتبار 1$ = 517 ل.س آنذاك) مقارنة ب 11.8 مليار دولار حجم صادرات العام 2010 (على اعتبار 1$ = 48 ل.س آنذاك)، وطبعاً لمعبر نصيب الحدودي الحصة الأكبر منها.
كما لا تقل الواردات من دول العالم إلى سوريا ومن ثم إلى العراق وتركيا وصولاً إلى إيران وأوروبا وروسيا أهمية عن الصادرات، فقد بلغ حجم المستوردات السورية في العام 2016 حوالي 4.3 مليار دولار (على اعتبار 1$ = 517 ل.س آنذاك) مقارنة ب 17 مليار دولار في العام 2010 (على اعتبار 1$ = 48 ل.س آنذاك).
ومن ذلك يمكن القول بأن افتتاح معبر نصيب الحدودي سيمكن سورية من العودة للعب الدور الاقتصادي المهم لكون المعبر نقطة التقاء غاية في الأهمية، ويتزامن ذلك مع تصريحات الحكومة السورية باعتمادها للصادرات كقاطرة للنمو الاقتصادي وقيامها بإعداد استراتيجية وطنية للتصدير متضمنة حلولاً لمعالجة مشكلات التصدير على المديين القصير والطويل ومنها تسهيل نفاذ الصادرات السورية للأسواق الخارجية، وهذا الافتتاح سيسهم بلا شك في دفع عملية تطوير الصادرات لا سيما وأن الصادرات السورية قد وصلت إلى 103 دول خلال سنوات الأزمة السبع رغم الحصار الاقتصادي وعلى الرغم أيضاً من انخفاض التبادل التجاري بين سورية والعالم الخارجي من 30 مليار دولار في العام 2010 إلى 5 مليار دولار في العام 2016 وذلك بسبب انخفاض الصادرات والواردات نتيجة للدمار الذي لحق بالقطاع الإنتاجي ونتيجة لإغلاق المعابر الرئيسية (ومنها معبر نصيب) ونتيجة للتوجه الحكومي نحو ترشيد الاستيراد للتخفيف من أعباء الطلب على القطع الأجنبي، كما إن افتتاح المعبر سيسهم (ولو جزئياً) في تعزيز مكانة سورية في العديد من المؤشرات اللوجستية التي تراجعت نتيجة الحرب.
ومن ذلك يمكن القول أيضا أن افتتاح المعبر سيسهم بزيادة الوارد من القطع الأجنبي والذي سينعكس بلا شك على زيادة حجم الاحتياطي من القطع الاجنبي لدى المصرف المركزي على المدى المتوسط، أما انعكاسه على سعر صرف الليرة أمام الدولار فهو رهن استراتيجية السلطة النقدية خلال الغترة المقبلة.