خبراء يدعون للتخلي عن نظام الضرائب المفتت… موارد الدولة متعددة ويمكن رفد خزينتها من نشاطات عدة..!!
.
بالرغم من أن قوّة المنطق تقول بأن الضرائب تُفرض على المجتمع ليُعاد توزيع الدخل والثروة على المواطنين بشكل يحقق العدالة، بحيث كلما زاد ثراء الأفراد يفترض أن تكون الضرائب المحصلة أكبر، وكلما قلّت الدخول كان الدعم أكبر لهذه الدخول وخاصة شرائح الفقراء، إلّا أن الملموس على أرض الواقع يظهر العكس تماماً، ليبدو النظام الضريبي المعمول به حالياً يدغدغ الأغنياء على حساب الفقراء خاصة خلال سنوات الأزمة التي طفت فيها شرائح كبيرة فوق السطح وأصبحوا من أثرياء الحرب ليطالب الكثيرون بإيجاد مطارح ضريبية جديدة ترفد الخزينة العامة للدولة وضرورة تكليف الأغنياء بمطارح ضريبية تموّل هذه الخزينة وتنفق على الفقراء.
نظام بالي
لم يتوان خبراء الاقتصاد في التهجم على النظام الضريبي الحالي ووصفه بالنظام البالي الذي لا زالت –للأسف- وزارة المالية تعمل به دون أي مبرر يسوّغ لها ذلك، إذ وجد الدكتور إبراهيم العدي – كلية الاقتصاد، أن المطارح الضريبية البديلة موجودة لكن المشكلة تكمن في ضرورة تغيير النظام الضريبي القائم منذ أكثر من سبعين عام والذي يسمح للكثير من التجار وأصحاب المؤسسات بالتهرب من الضريبة، وعلى الرغم من الصيحات المنادية بضرورة تكليف الأغنياء بمطارح ضريبية، وتمويل الخزينة العامة منها من خلال إيجاد صندوق خاص يموّل من أثرياء الأزمة إلّا أن كادر وزارة المالية لم يغير هذا النظام الضريبي، كذلك كان الأجدر بالحكومة مع التغييرات الحاصلة بالبلد واستعادة الأمن فرض مطارح ضريبية على اقتصاد الظل المعفى من الضرائب، بل قامت الحكومة بتخفيض الضرائب على بعض الشركات المساهمة لتصبح 14% في حين تصل الضريبة على الرواتب والأجور إلى 22%، وأكد العدي على أن فكرة “قص الأكباش أفضل بكثير من سلخ جلد الحملان”، وأن النظام المطبق في سورية هو نظام الضرائب المفتتة الذي تخلّت جميع الدول عنه عدا سورية بحيث لكل نوع من الدخل نوع من الضرائب، لذلك من الضروري أن تتناسب الضرائب مع الدخول، فتكون تصاعدية بالنسبة لأصحاب الدخول التصاعدية وثابتة أو متدنية بالنسبة لأصحاب الدخول الثابتة أو المتدنية.
توازن مالي
في المقابل يرى الخبير الاقتصادي محمد كوسا في سؤالنا عن المطارح الضريبية التي يمكن أن تتوجه لها الحكومة لرفد الخزينة بدلاً من رفع أسعار الخدمات، بأنه من حق كل إدارة عامة في الدولة أن تقوم ببيع خدماتها، وأن تستوفي ثمن هذه الخدمات بالشكل الذي يحقق لها توازن مالي، أي تحقيق توازن بين إيراداتها ونفقاتها، لكن هناك مسؤولية اجتماعية يجب أن تتحقق في الخدمة وفق شروط مناسبة للجميع مع مراعاة أوضاع الفقراء، وفي سبيل ذلك تقوم بوضع شرائح استهداف للمواطنين للاستفادة من هذه الخدمات، متسائلاً عن حقيقة وجود قاعدة بيانات حقيقية لدى الحكومة، وإمكانية تحديد الشرائح وفق معايير وأسس معينة..؟.
وأضاف كوسا إنه لدى قراءة الواقع السابق نجد أن الدعم مقدّم لجميع المواطنين، وافترضت الدولة أنها ستقدم هذه الخدمة والدعم الاقتصادي سواء للخدمات والمنتجات على مبدأ الحق والمساواة أي الحق في طلب الخدمات والمساواة في الحصول عليها، لكن المساواة دائماً لا تصل للعدالة، وبالتالي يلجأ الفكر المعرفي لتشريح المجتمع لشرائح، وتتوجه المؤسسات الحكومية بتقديم خدماتها ودعمها وفق هذه الشرائح، وتعتبر كل شريحة بيئة منسجمة تقدم الخدمة وفق منظومة عادلة تراعي إمكانات هذه البيئة الاجتماعية والمواطنين المنتسبين لهذه البيئة، هنا يمكن أن تتحقق العدالة الاجتماعية وهي في سبيل ذلك تقوم بفرض ضرائب تعويضية تحقق نوع من عقلنة المجتمع، وما نلحظه أن الحكومة لا تقوم بالتشريح المطلوب لهذا المجتمع وهذا الأمر يحتاج لتعمق أكبر وإنتاج منظومة استهدافية أفضل لإعادة توزيع الدخل والثروة، وأكد كوسا أن موارد الدولة متعددة وتستطيع رفد خزينتها من نشاطات متعددة بعد تعديل النظام الضريبي طبعاً، ومنها فرض ضرائب على الأغنياء وتنظيم اقتصاد الظل وتنظيم القطاع الخاص واستهداف الأثرياء أصحاب رؤوس الأموال المكتنزين أو من الذين لديهم أصول عقارية وأراضي ذات قيمة عالية، وكان من الأجدر على الوزارات المتعاقبة أن تعدّل النظام الضريبي خاصة اليوم في مرحلة إعادة الإعمار والنهوض باقتصاد البلد وتشجيع ثقافة الاستثمار المنتج وليس ثقافة المضاربة والمتاجرة في الأزمات.
تعديلات قادمة
مدير عام الهيئة العامة للضرائب والرسوم عبد الكريم الحسين أكد وجود لجنة لتعديل التشريعات الضريبية وتضم اللجنة في عضويتها خبرات من ذوي الاختصاص والشأن، مهمتها اقتراح التعديلات التشريعية اللازمة في إطار رؤية الإصلاح في السياسة الضريبية، وفي ضوء السياسة المالية والاقتصادية العامة للدولة، بحيث تصبح ضريبة موحدة على الدخل بالنسبة لمصادر الدخل، وضريبة على المبيعات بالنسبة للضريبة على الاستهلاك، وعن إمكانية فرض ضرائب على اقتصاد الظل في التشريعات الجديدة تحدث الحسين عن وجود مراقبي الدخل المقطوع يجولون في المحال التجارية، وفي حال العثور على غير المكلفين بغض النظر عن حصولهم على ترخيص أم لا يتم تكليفهم بالضريبة، وربما يكون في التعديل الضريبي ما يخص اقتصاد الظل والتركيز على مكافحة التهرب الضريبي، وتحقيق العدالة الضريبية ما أمكن.
المصدر: البعث