أ.ماهر سنجر
ضبط الاحتيال في الشركات
ضبط الاحتيال في الشركات
لا يتوقف الاحتيال بالمعنى العام على الأفراد أو ما نسمعه من قصص في الصحف أو في حياتنا اليومية أو حتى في المجلات، لكن هناك الكثير من أساليب الاحتيال التي تتم في أو على الشخصيات الاعتبارية ومنها ما قد تم اكتشافه ومنها ما زال دفيناً أو قيد التنفيذ. سنحاول في هذه المقالة قدر المستطاع إعطاء فكرة عن عمليات الاحتيال في الشركات ومسؤولية الأطراف المختلفة في عملية ضبط حالات الاحتيال.
بالبداية دعوني ألقى الضوء على مفهوم الاحتيال: ببساطة يعرف الاحتيال في الشركات بأنه عمل مقصود يهدف إلى الحصول على أرباح غير شرعية وغير عادلة وحمايتها. على سبيل المثال لا الحصر: الحصول على أرباح بطريقة غير نزيهة من خلال التدليس أو من خلال الاستفادة من عوامل مختلفة داخلية وخارجية ولا نعني هنا بالأرباح ما هو مادي فقط.
أكدت علوم الإدارة منذ انطلاقها على مهمة رئيسية اعتبرت من وظائف الإدارة المحورية ألا وهي الرقابة والمتابعة لذا استناداً إلى هذه الفكرة تم تطوير ما يطلق عليه الاستراتيجيات الدفاعية أو الوقائية التي تحمي الشركات وبالتالي يعتبر اليوم موضوع خطوط الدفاع من أفضل الممارسات المنفذة من قبل الشركات فاليوم تستند هذه الشركات إلى ما يطلق عليه خطوط الدفاع الثلاثة الرئيسية والخطوط الفرعية الداعمة لها.
لذا يلحظ بأن معظم الشركات العالمية طبقت أفضل الممارسات حرصاً منها على تقليل الأخطار التي تواجهها أو إدارة هذه الأخطار بالطريقة المناسبة لها. على مستوى السوق السورية يلحظ تطبيق هذه الخطوط بشكل نسبي في بعض الشركات السورية الخاصة (نذكر على سبيل المثال المصارف الخاصة)، حيث تلعب هذه الخطوط دوراً مشابهاً لمهمة الدفاع في الألعاب الرياضية والغاية الرئيسية هي تجريد الخصم من الاستفادة من العوامل المتوفرة لديه ومن نقاط قوته.
لم تتجاهل هذه الخطوط إمكانية الخطأ والتسجيل في المرمى من قبل نفس لاعبي الفريق وبالتالي اعتمدت على خلق خطوط دفاع لجميع الأطراف بما فيهم المتواجدين داخل الشركة كما لم تتجاهل هذه الخطوط نظرية التآمر بين اللاعبين من الفريق نفسه أو من الأطراف الخارجية المرتبطة بشكل مباشر أم غير مباشر بالشركة أو من كلهما معاً.
فانهيار خط لا يعني وصول الخصم إلى المبتغى، بنظرة أولية يغلب عليها الطابع الاحصائي غالباً ما يلحظ وجود حالات الاحتيال في الشركات التي لا تتوافر لديها هذه الخطوط الدفاعية الرئيسية المتمثلة في عمليات الضبط الداخلي (الرقابة الداخلية) والتدقيق الداخلي وإدارة المخاطر.
بالإضافة إلى الخطوط المذكورة لا يمكن لأحد منا انكار دور الخطوط الفرعية المساندة لعملية ضبط الاحتيال في الشركات ومنها عمليات التدقيق الخارجي التي تساعد على تحديد وتقييم خطر الاحتيال والذي قد يبدأ من تجاهل مقصود لبعض المعلومات المالية والمحاسبية ليبدو كخطأ بشري اعتيادي لكن في الحقيقة الغاية هي أبعد من ذلك ألا وهي الاحتيال.
بشكل عام يعود الاحتيال إلى عوامل محددة حيث يمكن تلخيصها كما يلي:
- عوامل الضغط على مرتكب حالات الاحتيال ومنها العوامل المادية والاجتماعية والظروف الاقتصادية وغيرها.
- توفر الفرصة لمرتكب الاحتيال كنتيجة لضعف أنظمة الشركة والضوابط المعمول بها.
- العامل النفسي الذي يجعل مرتكب الاحتيال ينظر لنفسه على أنه لم يرتكب أي خطأ بل هو تعامل مع ظروف آنية.
تختلف المسؤولية في ضبط حالات الاحتيال بحسب الموقع الوظيفي وتعتبر الإدارة هي المسؤولة الأولى عن محاولة منع وتقليل وتخفيف والتحقق من عمليات الاحتيال معالجتها. كما يلعب مدراء التدقيق الداخلي أهمية كبيرة في ضبط حالات الاحتيال من خلال تقيمهم لفاعلية وكفاءة الإدارة ومدى التزامها برؤية وأهداف الشركة وأنظمة الضبط الداخلي ومن خلال تعزيز العلاقات مع المساهمين بهدف الحفاظ على إيرادات وسمعة الشركة وموقعها في السوق كما هو مطلوب وإغناء العلاقة مع الجهات الرقابية من خلال تعزيز عملية الالتزام بالقرارات والأنظمة.
لهذه الأسباب يتوقف نجاح أي شركة في ضبط حالات الاحتيال على مدى تطبيقها لأفضل الممارسات وتفعيل هذه الخطوط الدفاعية بالطريقة الأمثل لتحديد مكامن خطر الاحتيال وبناء الحوكمة المؤسساتية السليمة وترتيب أولويات الشركة لمواجهة حالات الاحتيال لذا لنجعل من الشركات السورية كافة مثلاً يحتذى به في بناء استراتيجيات وأنظمة داخلية ترفع من شأن الشركات السورية.
الاستاذ ماهر سنجر