نقيب المهن المالية والمحاسبية (15 ألف نقابي مالي لا رأي لهم في القرار الاقتصادي.. ومغريات الهجرة تجذب نصف الخريجين)


.

نقيب المهن المالية والمحاسبية (15 ألف نقابي مالي لا رأي لهم في القرار الاقتصادي.. ومغريات الهجرة تجذب نصف الخريجين):
يبدو أن كل التقلبات الاقتصادية الأخيرة والنكسات المتتالية لم تكن كافية ليتنازل أصحاب القرار الاقتصادي عن عزلتهم ويسمحوا بإشراك أهل الخبرة والاختصاص في اتخاذ القرار، وحتى دعوة الحكومة للباحثين منذ أشهر لوضع الحلول والمقترحات لما يستجد من مشاكل لم تظهر نتائجها بعد، فالفريق الاقتصادي منفرد بالقرار بعيداً عن الخبراء والأساتذة والنقابات المتخصصة بدراسة وتحليل الوضع المالي، وهو أمر أشار إليه نقيب المهن المالية والمحاسبية زهير تيناوي خلال حديثه لـ”البعث”، إذ أكد أن الفريق الاقتصادي لم يشرك النقابة بأي من مجالسه رغم ضمانة مرسوم إحداث النقابة لدور فاعل لها في صنع القرار الاقتصادي، فاليوم هناك قسم من الجهات الحكومية لا يعطي أي دور للنقابات عموماً، وبات وجود الجمعيات والنقابات والاتحادات أمراً شكلياً وحسب.
خصومة
وأشار تيناوي إلى المحاولات المتكررة للوصول إلى تمثيل جدي للنقابة بالحياة الاقتصادية دون تجاوب يذكر بحجة أنه عند الحاجة لخبرة ما سيتم التواصل معهم.! علماً أن المنتسبين لديهم الخبرة الواسعة في المجال المالي والاقتصادي والاستشاري والإحصائي، كما أن العقوبات لم تؤثر على المعايير والبرامج المحاسبية المطبقة في الشركات الخاصة والعامة، فهي منهاج عمل وقواعد لا علاقة لها بالعقوبات، متابعاً: يفترض بالجهات الحكومية التي تفتقر -وأنا واثق بذلك- للخبرات في بعض الأحيان أن تستعين بالنقابة جدياً بدل أن تكون استعانة خجولة كما الآن، فيما قدمت النقابة مشروعاً لتعديل مرسوم إحداثها وإلزام كافة الجهات ذات الصلة بتمثيلها وتعيين عضواً ممثلاً لها في مجالسها، ومؤخراً كُلفت النقابة بأن تكون المسؤولة عن الدراسات الخاصة بالمشاريع التي تتطلب قروضاً مصرفية، بحيث تكون الجدوى الاقتصادية مُتابعة ومُدققة ومُصدقة من قبلها، إذ لا يمكن الاستمرار بالنظر إلى النقابات وكأنها خصم أو طرف محايد خاصة مع إعادة البناء المالي والاقتصادي المقبل.
شح إحصائي
وفي وقت تفتقر فيه القرارات الاقتصادية للانسجام مع الواقع نظراً لغياب قواعد البيانات والأرقام والإحصائيات الدقيقة حول أية قضية، لم يبدِ تيناوي ثقة بأن هناك جدية في تدارك هذا الخلل وتأسيس قواعد البيانات والإحصاء، فالمكتب المركزي للإحصاء لا يقدم أية معلومة وإن وجدت فهي معلومات قديمة غير محدثة، والنقابات القادرة على تأسيس قواعد بيانات مهملة كلياً، ومن المستغرب أن الوضع الإحصائي في السابق كان أفضل من الآن رغم تطور التكنولوجيا والبرمجيات الحديثة التي يمكن استغلالها في المسوح المتنوعة.
50 % مغتربين
15 ألف منتسب للنقابة منذ 2016، وما يعادل هذا الرقم أو أكثر بقليل من خريجي المحاسبة اختاروا الاغتراب، إذ بيّن تيناوي أن 50% من العمالة السورية مغتربين، كون الاختصاصات في كلية الاقتصاد مطلوبة في كل الدول، وبإمكان الخريج أن يعمل بأية دولة بعكس بقية الاختصاصات كالمحاماة والطب التي يوجد عليها حظر في بعض الدول، لذلك كان وما يزال الدافع مغرياً والهجرة كبيرة.
وفي حين يفترض أن يكون الانتساب إلزامياً لكل الخريجين الممارسين للمهن المالية والمحاسبية، فإن عدداً كبيراً منهم خارج إطار النقابة لأسباب ردها تيناوي إلى الحرب وعدم القدرة على الوصول لكل المحافظات عبر فروع رسمية، ومن جانب آخر فإن الوعي النقابي غير متوفر لدى الجميع، ومن الضروري برأي تيناوي أن يدرك الخريجون أهمية انتسابهم للنقابات التي تشكل مظلة لهم للدفاع عن حقوقهم ومكتسباتهم.
بدائل
وتطرق نقيب المهن المالية إلى الجهود لتثبيت سعر الصرف، معتبراً أن كل الإجراءات لن تنفع بمفردها إن لم يكن هناك إنتاج وتصدير، فالاستيراد خلال السنوات السابقة وشراء القمح والمشتقات النفطية كلها كانت تستنزف القطع دون عائد يذكر، لافتاً إلى ضرورة التركيز والمتابعة في برنامج إحلال المستوردات الذي يشكل ترسيخاُ علمياً وتطبيقياً لما اتبع في حصار الثمانينيات والاعتماد على البدائل المحلية للتقليل من المستوردات وزيادة الصادرات، أما حول مقترح زيادة الرواتب اعتبر تيناوي أن أية زيادة ومهما كانت نسبتها ستمتصها الأسعار من أول أسبوع، والأولى اليوم تثبيت الأسعار والذي يحتاج لتحقيقه توفر المواد وانسيابها بشكل سلس، وعدم ربطها بسعر صرف، فالمواد الأساسية اليوم كلها ترتبط بسعر الدولار لذلك تستمر بالارتفاع، كما أن زيادة الأجور مقابل رفع الدعم لن يستفيد منه سوى الموظفين، فيما سيعود بالضرر على صغار الكسبة والمتعيشين الذين لا يستفيدون من زيادة الراتب، وبالتالي يكونون قد خسروا الدعم مقابل لا شيء.