حديث الاربعاء الاقتصادي
الاقتصاد الرشيق
حديث الأربعاء الاقتصادي رقم
(162)
(الاقتصاد الرشيق)
الرشاقة في اللغة معاني عديدة فعلى مستوى الجسم هو حسنه وجماله وتناسقه وخفة حركته وعلى مستوى الأسلوب جماله ورقته فهل هناك رشاقة بالاقتصاد نعم هناك مصطلح (الاقتصاد الرشيق ) وقبل أن ندخل في تعريفه وشرح ومعانيه نتساءل عن رشاقة الاقتصاد السوري وهل يمتلك ميزات المرونة والحركية والخفة والتناغم لتحقيق مواصفات الاقتصاد الرشيق لنرى أولاً ثم نعود .
رشاقة الاقتصاد : هي تلك المعطيات التي هي اساسها الأول القدرة على التعامل السريع والمرن مع التطورات والتغيرات والصدمات المحلية والإقليمية والعالمية وبعدها الثاني يرتكز على متانة ومرونة الروابط التكاملية بين الفاعلين في الاقتصاد وبخاصة ما يتعلق أفقياً بين القطاعين العام والخاص ورأسياً بين مؤسسات ووحدات القطاع الواحد سواء أكان حكومياً أم خاصاً.
والبعد الثالث والأخير من تلك المعطيات يرتكز على مدى توافر البنية التحتية والرقمية الميسرة والمؤهلة لاستشراف المستقبل وتحسس أثر التحولات الخارجية في قطاعات الاقتصاد المختلفة وعلى الفاعلين الاقتصاديين حكومة وقطاعاً خاصاً وأفراداً وما يستتبع ذلك من قدرة ذاتية على التحول المرن والسريع بهدف التأقلم مع المعطيات الإيجابية وتجنب أو تجاوز أو التخفيف من المعطيات والآثار السلبية الناتجة عن تلك التحولات.
المتغيرات السابقة تشكل البناء المهم لحساب مدى رشاقة الاقتصاد وقدرته على تجديد نفسه وتبني التحولات العالمية بصورة إيجابية والعمل بمرونة كافية للتحليق في فضاء التحولات الاقتصادية العالمية ليس في نسق التوسع المحلي وخدمة القطاعات المحلية بل وفي جذب الاستثمارات الخارجية واستقرارها واستدامة تدفقها واحتضانها بشكل آمن وفعال وسريع.
أما أهم مقومات الرشاقة الاقتصادية عموماً فهي توجيه الحكومة أن القيادة الاقتصادية في المرحلة القادمة ستكون للمشاريع التحولية الكبرى وليس الاستراتيجي طويل الأمد فحسب .
أما المقوم الثاني فقد ارتكز على ضرورة الاستعداد في مجال العمل العام لإحداث تغيرات مرنة وسريعة قادمة.
وحدد المجال الثالث لمقومات الرشاقة الاقتصادية السعي الى اعتماد أولويات قطاعية واضحة يتبعها تحديد مشاريع تحويلية قطاعية وتشكيل فرق عمل تنفيذية لتحقيق أعلى درجات الكفاءة الاقتصادية.
أما المقوم الرابع في رشاقة الاقتصاد فهو التأكيد على التحول الكامل من المسؤولية المنفردة للجهات الاقتصاديةإلى المسؤولية المشتركة لفرق العمل الميدانية وفق مفهوم ومعايير مراقبة أداء وتقييم ومعايير انجاز.
يقوم المحدد الخامس لمقومات تحقيق رشاقة حقيقية في الاقتصاد على وضع سلم حوافز وترقيات لأداء الفرق التنفيذية وقدرتها على التكامل والتنسيق فيما بينها من جهة ثانية.
هذا النموذج العملي من الرشاقة واستشراف المستقبل يستحق الدراسة والمتابعة بعناية كما يستحق أن يكون نموذجاً للاقتصاد السوري بما يساعد على الوصول لاقتصاد أكثر رشاقة والأكثر قدرة على استشراف المستقبل ضمن معطيات تخدم أولويات تنمية وتطوير القوى البشرية فيه ....
ويمكن هنا أن نضيف الرشاقة والانسجام والتناغم بين السياسات المالية والنقدية والضريبية وبين السياسات الاقتصادية والتجارية وبين سياسات الاقتصاد الكلي والجزئي وما يتبع ذلك من انسيابية وتناسق و توازن بين القطاعات الاقتصادية الرئيسية من زراعة إلى صناعة وتجارة وخدمات وأن تكون جميع الأدوات والسياسات مرنة بما يمكن لتحقيق أعلى درجات الكفاءة الاقتصادية وتحسين مستوى الدخل والناتج المحلي
دمشق في 25/5/2022.
كتبه: د. عامر خربوطلي
العيادة الاقتصادية السورية